كوميديا الطب البشري.. الحلقة الرابعة

(وانتصرت الخيمة على القصر...لفترة!!!)


(بابا بابا,, نوض وصلني للمدرسة)...


يوقظك هذا النداء من نومك الذي اعتدت عليه منذ أن تم تعيينك رئيسا للقسم خلفا للدكتور (خليفة الأعور) بعد أن فقد عينه السليمة اثر تراشق بالحجارة في مؤتمر الأخلاقيات الطبية, تفتح عينيك في تكاسل لتتأمل ابنك الذي رزقت به بعد 30 عاما من العزوبية, تصفعه في حرارة وأنت تلعن اليوم الذي استبدلت فيه كِليتك بتلك الشقة كي تأوي فيها أمه التي تحصلت عليها بالتقسيط...ترمي ابنك في المدرسة على عجالة وأنت نادم على عدم إلقائه عند (حمد البينسة) كي تضمن مستقبله ثم ترجع للمستشفى....
تتجول في القسم متأملا ملكك الجديد , تحيي رعيتك بإشارة من إصبعك بينما تتأمل ملفات المرضى باحثا عن أي (كرزة ) كما تلقي من حين لآخر بمريض أو اثنين من القسم كي تخلو بعض الأسرة ..فللعيادات عليك حق...!! وبالطبع فإنك لا تنسى أن توصي الدكتور (بِلية) بأن يأخذ حذره من عملاء خليفة الذين لم تكمل بعد اجتثاثهم من القسم....
 تدخل  مكتبك لتجلس أمام كمبيوتر الفاتح (والذي يعتبر ثاني أهم منتج محلي بعد القانطي) فقط لتطبع نتائج الامتحانات بالضغط على خيار (تظليل الكل).تمضي دقائق يفاجئك بعدها رنين النقال...ترد عليه لتجد أن مدير مدرسة ابنك يطلب منك الحضور لأمر طاريء.
تدخل لمدرسة ابنك وأنت تلعن أخواله الصينيين الذين لا بد أنه ورث منهم قلة الانتظام, تجلس مع باقي أولياء الأمور لتستمع للمدير وهو يشرح لك كيف أن ابنك قام مع عدد من الطلبة باشعال النار في احدى المدرسات, تستغرب هذه السادية في ابنك على الرغم من استنفاذك لجميع أساليب التربية من الكي و التجويع والصعق في تنشئته.
ترتفع وتيرة النقاش تدريجيا حسب العرف الليبي لتبدأ بعدها اللكمات بالتطاير, ونظرا لأنك تعتبر كنزا قوميا فإنك تجري للاختباء تحت الطاولة إلا أنك تفاجأ  بشخص يتجه نحوك وقد كوم قبضته ,ولكن لسبب ما فإنه يتوقف فجأة ويتجه نحو المدير, فالليبيون بشكل عام يجدون صعوبة في لكم أي شخص يرتدي بذلة, وربما يعود مرجع هذه العقدة إلى أيام الباشاوات, وبالطبع فإن المدير الذي يرتدي نفس (الهركة) منذ 15 عاما لم يستفد من هذه النقطة فظل رأسه يرتطم بالحائط طوال الربع ساعة التالية...
بعد أن يخفت الصراخ تطل برأسك من تحت الطاولة لترى الأجساد متناثرة في مشهد يذكرك بموقعة التحاليل الشهيرة التي فقدت فيها نقالك وفقد فيها الدكتور(خليفة) عينه الأولى, تلملم ما بقي من كرامتك وتفر راجعا للمستشفى, وما أن تدخل حتى تجد مشكلة أخرى بانتظارك, فأحد المرضى الذين طردتهم من القسم لتوفير المساحة اتضح أنه أحضر (بوطَي) في (طِهار) ابن الدكتور خليفة المخلوع (قداش منه خليفة هذا).. وبالتالي فإن المسألة أضحت مسألة كرامة للدكتور خليفة الذي أصر على الرجوع لرئاسة القسم على الرغم من فقده لكلتي عينيه, فالبركة في العلم كما يقول (على الرغم من أن جميع معلوماته يمكن وضعها على فلوبي ديسك), كما أن مدير المستشفى (متحشم) من الدكتور خليفة لأنه (ناداه في الطهار) كل هذا بالإضافة إلى  كونه أكبر منك في العمر يجعل من تنافسك معه على رئاسة القسم (عيبا وقلة احترام) على الرغم من احتواء مربوعتك على 2 كيلو شهادات.
وتكون النتيجة معروفة ..يناديك مدير المستشفى إلى مكتبه ليقول لك بأن الدكتور خليفة في مقام أبيك وأن (البركة في شيابيننا) فهم مصدر الحكمة .. ويكفيه فخرا أنه صاحب أول عملية زراعة زائدة في التاريخ..  ثم ينهي كلامه بأن يقول( هيا شد عمك خليفة من يده و وصله للقسم..!!).
في انكسار تلملم أشياءك وأنت ترى خليفة (يتحسس) مكتبه القديم في استمتاع...تحبس دمعتك وأنت تخرج متفاديا الدكاترة الذين توافدوا على المكتب لكأنه ضريح (سيدي خليفة)..وما أن تصل إلى الباب الخارجي حتى تطلق ساقيك للريح ...ومن خلفك يجري الدكتور (بِلية) الخائن  صارخا:
((شدوووووووووووووه.....سرق الكمبيوتر..!!))

ليست هناك تعليقات: