( العلم في الصغر ...كالحرث في البحر)
( لأخذ العلم :بعض مشاهد هذه الحلقة خيالية ولا تنطبق إلا في مدينة مصراتة)
الساعة 8:45 دقيقة
تستيقظ ثقيلا متكاسلا في أول أيام الكلية ...فقد ثبتت رؤية هلال الدراسة في اليوم السابق ..ولمن لا يعرفه فهو نفسه هلال رمضان...!!
تجلس قليلا على حافة السرير الذي لم يكد يسخن بعد....تحاول أن تقنع نفسك بأن الدراسة لها فائدة... ثم تنهض متثاقلا نادما على شربك للحليب في السحور ..فالكل يعلم أنه بعد 4 دجاجات و 2 كيلو مكرونة (على طولها) لا يبقى متسع للحليب في المعدة..!!
تكرر سيناريو كل يوم ...تلتقط ملابسك من على الأرض وكتبك من تحت أكوام الغبار...غسل الوجه و الأسنان أصبحا رفاهية لا تملك لها وقتا...تتجه مباشرة إلى السيارة وتجبر محركها المتجمد على أن يعمل تحت وطأة وابل من السباب ثم تنطلق بها كالصاروخ آملا من الله أن يبعد المرور و البيجو عن طريقك..!!
تصل إلى الكلية ...هذا إن لم تخطئها و تتجه إلى محل (فريفر) الأكبر منها حجما .. ولكن فرص حدوث ذلك قد قلت الآن بفضل لافتة الصيدلية (آسف..أقصد الكلية) و التي أصبح من الإمكان بواسطتها تمييز الكلية المموهة بعناية.
توقف السيارة في الخلاء أمام الكلية .. ولا تنسى طبعا ترك ورقة تفيد بأن مسجل السيارة غير موجود وذلك من باب التهذيب ..فليس من اللائق أن تضيع وقت اللصوص في(قفع) السيارة..
تدخل من الباب مسرعا ..يفاجئك وجه صبوح على طريقة زكيا زكريا قائلا (بخ ..علق البطاقة) وهي إحتياطات أمنية تم اتخاذها بعد إضافة المفاعل النووي الجديد لمبنى أبحاث الخلايا السرطانية و علوم الفضاء الواقع في منور الكلية ..(تحت أنتينة ليبيانا بالزبط), و ما أن تدخل القاعة حتى تلاحظ أن جميع الكراسي محجوزة بالتواتر( عن فلانة ..عن علانة ..عن أم صبحي النظَافة) إلا أنه بقليل من الحظ المدعوم بالتلسين أو صحة الوجه قد تعطف عليك إحدى الأخوات (أدامهن الله) بكرسي في الجهة الأمامية ..
أما إن كنت من المغضوب عليهم أو (الشينين) فستجد نفسك مجابها بالتكشيخ (الفقيِر ما يحبه حد..!) .... مما يجبرك على الجلوس في الجهة الخلفية المتمتعة بنوع من الحكم الذاتي والتي تستخدم بشكل عام في النوم و تعاطي الكاكوية (وهي تختلف قليلا عن الكوكايين..!) وكذلك في إكمال كراسات المحاضرات على طريقة واجب الرياضيات في حصة العربي وذلك لبعدها عن مجال الدكتور السمعي و البصري..!!
و تبدأ المحاضرة... الفهم ينحصر في أول نصف ساعة فقط..و لسوء الحظ فإن الدكتور غالبا ما يقضيها في التنحنح و الإحماء .. وما أن يبدأ الشرح حتى تجتاحك أعراض تتفاوت ما بين الدوار البسيط المصحوب بالهرش إلى المغص الحاد.. وبانتهاء الساعة الأولى تبدأ الأفكار الشيطانية بالتوافد عليك لتغريك بالخروج للإفطار أو الانتحار... خاصة إذا تحصلت على دعوة مغرية للذهاب إلى ( الخليج ) من قبل بعض الطلبة طيب الله ذكرهم ..
وإذا ما تمكنت –بقليل من الإيمان و نتش الأصابع- من الصمود خلال الساعة الثانية فإنك ستلاحظ انخفاضا ملحوظا في ضربات قلبك مما يؤدي إلى نقص تدفق الدم إلى الدماغ لتبدأ حالا في الهذيان لاعنا الطب و علمائه من (روبرت كوخ ) و (لويس باستير) و (وليام هارفي) و (زكي جمعة ) ...مين زكي جمعة ده..؟؟
و أخيرا و بضرب من الإعجاز تنتهي المحاضرة لتتدافع مع الطلبة خارجا..تقبل بلاط الممر فرحا بنجاتك ثم تبصق التراب من فمك و تسرع خارجا لتستوفي السبعة أشواط اليومية حول الكلية..
ثم تبدأ المحاضرة الثانية .. قلة هم الحضور ممن استمسكوا بالعروة الوثقى أو ممن تبلدت أحاسيسهم و أصبحت الأمور عندهم (كيف طابت كيف انحرقت) ليكملوا ساعتين أخريين ناسفين بذلك نظريات علم النفس التي تقسم بأغلظ الأيمان أن مدة ساعة في كل محاضرة هي الحد الأعلى لتحقيق أفضل نسبة من التحصيل العلمي ..هذه النظريات التي فندها (فطاحلنا) بدعوى أنها وضعت لكتاكيت الغرب و ليست لـ (تريسنا المحصحص).!!
و أخيرا يأتي آخر جزء من برنامج التعذيب اليومي..ألا وهو العملي ..فيدخل دكتور من دفعة (الفارابي) حاملا نفس الشرائح التي درسها حضرته أيام الجامع (آسف..أقصد الجامعة) ...اللهم إلا بعض الاختلافات الناتجة عن التعرية و التمحميس الذي طالها إبان الحكم العثماني الأول والثاني..
أمل كاذب يدفعك للنظر في المجهر رغم يقينك أنك لن ترى إلا قهرتك ...طالب مغفل بجانبك يتصنع الفهم قائلا : (هنيييييييييييييييييييييييي ما تشبحش فيها ..!!) ليتضح أنه كان يشير إلى كسر في الشريحة..
في خطوة يائسة تنادي على الدكتور ..فيعدل نظارته و يصفي نيته ثم يطلق قريحته ساردا على مسامعك كلاما ما أنزل الله به من سلطان ...تهز رأسك في بلاهة و لسان حالك يقول (شوقني الدوة ) ثم تجامله قائلا (آآآآآآه فهمت) و ما أن يلتفت حتى تستغفر الله على الكذب و ( تنتش ) الشريحة لتميزها في الامتحان...!!!
ينتهي العملي ...تخرج متباطئا هذه المرة ..فكثرة النفخ و عدم الإفطار استنفذا ما لديك من قوة ...تلتصق مع أصدقائك على السطح الخارجي للكلية لتضربك الشمس بعد 6-8 ساعات من التحلل اللاهوائي داخل الممرات..و ما أن تقوى عليك شمس القائلة و يعمل فيك الجوع عمله حتى تجر نفسك إلى السيارة لتذهب إلى البيت و تنخمد إلى المغرب..!!
تستيقظ على صوت الوالدة تدعوك للطعام ..(تدفس) ما تيسر ثم تفتح الكتاب أمام وجهك مجاملة لها بعد تعبها ..(غير على من تكذب..؟؟) وما أن تمر دقائق حتى يبدأ المفعول المسكن للكتاب بالتأثير على جهازك العصبي لتسقط كالعفطة إلى صباح اليوم التالي ولتبدأ بذلك حلقة جديدة من كوميديا الطب البشري...
الساعة 8:45 دقيقة
تستيقظ ثقيلا متكاسلا في أول أيام الكلية ...فقد ثبتت رؤية هلال الدراسة في اليوم السابق ..ولمن لا يعرفه فهو نفسه هلال رمضان...!!
تجلس قليلا على حافة السرير الذي لم يكد يسخن بعد....تحاول أن تقنع نفسك بأن الدراسة لها فائدة... ثم تنهض متثاقلا نادما على شربك للحليب في السحور ..فالكل يعلم أنه بعد 4 دجاجات و 2 كيلو مكرونة (على طولها) لا يبقى متسع للحليب في المعدة..!!
تكرر سيناريو كل يوم ...تلتقط ملابسك من على الأرض وكتبك من تحت أكوام الغبار...غسل الوجه و الأسنان أصبحا رفاهية لا تملك لها وقتا...تتجه مباشرة إلى السيارة وتجبر محركها المتجمد على أن يعمل تحت وطأة وابل من السباب ثم تنطلق بها كالصاروخ آملا من الله أن يبعد المرور و البيجو عن طريقك..!!
تصل إلى الكلية ...هذا إن لم تخطئها و تتجه إلى محل (فريفر) الأكبر منها حجما .. ولكن فرص حدوث ذلك قد قلت الآن بفضل لافتة الصيدلية (آسف..أقصد الكلية) و التي أصبح من الإمكان بواسطتها تمييز الكلية المموهة بعناية.
توقف السيارة في الخلاء أمام الكلية .. ولا تنسى طبعا ترك ورقة تفيد بأن مسجل السيارة غير موجود وذلك من باب التهذيب ..فليس من اللائق أن تضيع وقت اللصوص في(قفع) السيارة..
تدخل من الباب مسرعا ..يفاجئك وجه صبوح على طريقة زكيا زكريا قائلا (بخ ..علق البطاقة) وهي إحتياطات أمنية تم اتخاذها بعد إضافة المفاعل النووي الجديد لمبنى أبحاث الخلايا السرطانية و علوم الفضاء الواقع في منور الكلية ..(تحت أنتينة ليبيانا بالزبط), و ما أن تدخل القاعة حتى تلاحظ أن جميع الكراسي محجوزة بالتواتر( عن فلانة ..عن علانة ..عن أم صبحي النظَافة) إلا أنه بقليل من الحظ المدعوم بالتلسين أو صحة الوجه قد تعطف عليك إحدى الأخوات (أدامهن الله) بكرسي في الجهة الأمامية ..
أما إن كنت من المغضوب عليهم أو (الشينين) فستجد نفسك مجابها بالتكشيخ (الفقيِر ما يحبه حد..!) .... مما يجبرك على الجلوس في الجهة الخلفية المتمتعة بنوع من الحكم الذاتي والتي تستخدم بشكل عام في النوم و تعاطي الكاكوية (وهي تختلف قليلا عن الكوكايين..!) وكذلك في إكمال كراسات المحاضرات على طريقة واجب الرياضيات في حصة العربي وذلك لبعدها عن مجال الدكتور السمعي و البصري..!!
و تبدأ المحاضرة... الفهم ينحصر في أول نصف ساعة فقط..و لسوء الحظ فإن الدكتور غالبا ما يقضيها في التنحنح و الإحماء .. وما أن يبدأ الشرح حتى تجتاحك أعراض تتفاوت ما بين الدوار البسيط المصحوب بالهرش إلى المغص الحاد.. وبانتهاء الساعة الأولى تبدأ الأفكار الشيطانية بالتوافد عليك لتغريك بالخروج للإفطار أو الانتحار... خاصة إذا تحصلت على دعوة مغرية للذهاب إلى ( الخليج ) من قبل بعض الطلبة طيب الله ذكرهم ..
وإذا ما تمكنت –بقليل من الإيمان و نتش الأصابع- من الصمود خلال الساعة الثانية فإنك ستلاحظ انخفاضا ملحوظا في ضربات قلبك مما يؤدي إلى نقص تدفق الدم إلى الدماغ لتبدأ حالا في الهذيان لاعنا الطب و علمائه من (روبرت كوخ ) و (لويس باستير) و (وليام هارفي) و (زكي جمعة ) ...مين زكي جمعة ده..؟؟
و أخيرا و بضرب من الإعجاز تنتهي المحاضرة لتتدافع مع الطلبة خارجا..تقبل بلاط الممر فرحا بنجاتك ثم تبصق التراب من فمك و تسرع خارجا لتستوفي السبعة أشواط اليومية حول الكلية..
ثم تبدأ المحاضرة الثانية .. قلة هم الحضور ممن استمسكوا بالعروة الوثقى أو ممن تبلدت أحاسيسهم و أصبحت الأمور عندهم (كيف طابت كيف انحرقت) ليكملوا ساعتين أخريين ناسفين بذلك نظريات علم النفس التي تقسم بأغلظ الأيمان أن مدة ساعة في كل محاضرة هي الحد الأعلى لتحقيق أفضل نسبة من التحصيل العلمي ..هذه النظريات التي فندها (فطاحلنا) بدعوى أنها وضعت لكتاكيت الغرب و ليست لـ (تريسنا المحصحص).!!
و أخيرا يأتي آخر جزء من برنامج التعذيب اليومي..ألا وهو العملي ..فيدخل دكتور من دفعة (الفارابي) حاملا نفس الشرائح التي درسها حضرته أيام الجامع (آسف..أقصد الجامعة) ...اللهم إلا بعض الاختلافات الناتجة عن التعرية و التمحميس الذي طالها إبان الحكم العثماني الأول والثاني..
أمل كاذب يدفعك للنظر في المجهر رغم يقينك أنك لن ترى إلا قهرتك ...طالب مغفل بجانبك يتصنع الفهم قائلا : (هنيييييييييييييييييييييييي ما تشبحش فيها ..!!) ليتضح أنه كان يشير إلى كسر في الشريحة..
في خطوة يائسة تنادي على الدكتور ..فيعدل نظارته و يصفي نيته ثم يطلق قريحته ساردا على مسامعك كلاما ما أنزل الله به من سلطان ...تهز رأسك في بلاهة و لسان حالك يقول (شوقني الدوة ) ثم تجامله قائلا (آآآآآآه فهمت) و ما أن يلتفت حتى تستغفر الله على الكذب و ( تنتش ) الشريحة لتميزها في الامتحان...!!!
ينتهي العملي ...تخرج متباطئا هذه المرة ..فكثرة النفخ و عدم الإفطار استنفذا ما لديك من قوة ...تلتصق مع أصدقائك على السطح الخارجي للكلية لتضربك الشمس بعد 6-8 ساعات من التحلل اللاهوائي داخل الممرات..و ما أن تقوى عليك شمس القائلة و يعمل فيك الجوع عمله حتى تجر نفسك إلى السيارة لتذهب إلى البيت و تنخمد إلى المغرب..!!
تستيقظ على صوت الوالدة تدعوك للطعام ..(تدفس) ما تيسر ثم تفتح الكتاب أمام وجهك مجاملة لها بعد تعبها ..(غير على من تكذب..؟؟) وما أن تمر دقائق حتى يبدأ المفعول المسكن للكتاب بالتأثير على جهازك العصبي لتسقط كالعفطة إلى صباح اليوم التالي ولتبدأ بذلك حلقة جديدة من كوميديا الطب البشري...
هناك تعليق واحد:
موقع دوائي
موقع دوائي
إرسال تعليق